ليس كل غزوٍ يتطلب جنوداً وآلات حربية، فهناك أنواع أخرى تتسلل إلى المجتمعات عبر بوابة الفكر والثقافة.
يُعتبر الغزو الثقافي من أخطر هذه الأنواع حيث يحمل في طياته خطراً عظيماً يهدد هوية الأمم، ويطمح إلى محو ملامح الأفراد والمجتمعات.
يعتمد الأعداء غالباً على هذا الأسلوب، لأن الثقافة بمنزلة نبراس يضيء طريق الوعي، ويشكل الهوية القادرة على الحفاظ على خصائص الحضارة.
يجسد الغزو الثقافي، في مفهومه الأوسع، محاولة لتغيير ثقافة الشعوب المستهدفة بغرض التحكم في سلوكها؛ وعندما ينجح هذا الغزو، فإن النتائج تكون تحولات جذرية في القيم والأخلاق، مما يتسبب في تنكر الأفراد لأصالة بلادهم، وإيجاد أنماط سلوكية جديدة تهدد حاضر الأمة ومستقبلها.
وفي خضم هذه التغيرات الثقافية، برزت أحداث مؤسفة تعكس هذا الإنحدار في القيم، مثل الموقف الذي قام به الممثل محمد رمضان ببدلة الرقص وحمله لعلم مصر. ففي لحظة يعتبرها البعض فخراً، انتقدها الكثيرون بإعتبارها تقسيماً لأصالة الوطنية. إن الرقص يحمل دلالات تختلف بإختلاف السياقات الثقافية، وحمل العلم في وضعية لا تناسب هيبته يعتبر انتقاصاً من عظيم ما يمثله. يعكس هذا الموقف كيف يمكن للفنون، إذا لم تُمارس بحذر وبوعي، أن تُسيء إلى الهوية الوطنية، وتجعلها عرضة للغزو الثقافي.
ولعل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي هما الأداة الفاعلة في نشر المفاهيم التي يروم الغزو الثقافي تعميقها.
وفي هذا الإطار، تبرز فئة الشباب، خاصة في مرحلة المراهقة، كأكثر الفئات تعرضاً لهذا الغزو، إذ يتسم هذه المرحلة بنمو القدرات الذهنية، ما يسهل إستقبال أفكار مغايرة لتلك التي تم غرسها فى الأسرة والمدرسة.
لذلك، يصبح من الضروري رسم خريطة طريق صحيحة ومدروسة داخل المجتمع، من خلال تكامل جهود الأسرة والمدرسة لتبني ثقافة تتماشى مع تقاليد المجتمع المصرى، بل وتحافظ على روح التلاحم والترابط الأسري والمجتمعي. وينبغي أيضاً إتخاذ سياسة رادعة وحازمة، مدعومة بأطر قانونية، حيال ما تروج له منصات التواصل الإجتماعي والإعلام الموجه من أفكار تهدف إلى تشويه تقاليد المجتمع المصري الأصيل.
إن الوعي الجماعي هو السلاح الأمثل في مواجهة هذه المحاولات، ورفع مستوى الحصانة الثقافية هو السبيل الأنجح لحماية الهوية الوطنيه.
الرئيسية ⁄ أخبار ⁄ الغزو الثقافي و تغييب الهوية..بقلم / لواء أركان حرب دكتور أحمد عبد البر… موقع صاحبة الجلالة
أخبارثقافة و فنونمقال الغزو الثقافي و تغييب الهوية..بقلم / لواء أركان حرب دكتور أحمد عبد البر… موقع صاحبة الجلالة
