الرئيسيةأخبارشكاوى مجلس الوزراء تحت المجهر .. بقلم المستشار /أحمد الشبيتي
أخبارمقالمنتديات

شكاوى مجلس الوزراء تحت المجهر .. بقلم المستشار /أحمد الشبيتي

مركز شكاوى المواطنين بين فلسفة الدولة وواقع التنفيذ
رؤية إصلاحية لتفعيل الاستجابة وتحقيق العدالة الخدمية

مقدمة
في إطار حرص الدولة المصرية، بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على إرساء دعائم دولة المؤسسات وربط المواطن بمراكز اتخاذ القرار، أطلقت رئاسة مجلس الوزراء منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة باعتبارها الوسيلة الرسمية الوحيدة التي يلجأ إليها المواطن لعرض مشكلاته ومطالبه على مؤسسات الدولة المختلفة.
وهي خطوة تُحسب للدولة، وتعكس إيمان القيادة السياسية بحق المواطن في التواصل والمساءلة.

لكن…
يبقى السؤال الأهم:
هل تقوم هذه المنظومة بدورها الحقيقي؟ أم تحولت في بعض الأحيان إلى مجرد إجراء شكلي يفتقد الفاعلية؟
تشخيص المشكلة (الواقع كما يراه المواطن)

من خلال المتابعة الميدانية، ورصد عدد كبير من الشكاوى المقدمة عبر مركز الشكاوى، لوحظ ما يلي:
1. نمطية الردود:
“جارٍ الفحص”
“تم”
“لا يوجد”
“سيتم الرد لاحقًا”

2. غياب الدليل:
لا مستندات
لا صور
لا محاضر
لا قرارات رسمية مرفقة
3. عدم معالجة أصل المشكلة:
الرد يتم دون النزول للميدان
أو دون محاسبة المقصر
أو دون حل جذري يمنع تكرار الشكوى
4. تحول الرد من خدمة للمواطن إلى إجراء روتيني

المهم أن “يوجد رد”
وليس المهم أن “يُحل الموضوع”
وهذا الواقع خلق فجوة خطيرة بين:

> فلسفة الدولة في خدمة المواطن
ممارسة بعض المسؤولين على أرض الواقع

الخطر الحقيقي
إذا استمر هذا النمط:
تتراكم المشاكل
يفقد المواطن ثقته في المنظومة
يشعر المواطن أن الشكوى لا قيمة لها
ويتحول المركز – دون قصد – إلى عبء بدل أن يكون حلًا
وهنا لا يكون الخلل في النظام،
بل في آلية التنفيذ والرقابة.

السؤال الجوهري
هل مركز الشكاوى يعيق حل مشاكل المواطنين؟
أم أنه لا يزال بحاجة إلى تطوير حقيقي ليؤدي رسالته كما أرادته الدولة؟

الرؤية المقترحة (حلول عملية قابلة للتنفيذ)
أولًا: تحويل الرد من كلام إلى دليل
أي رد على شكوى يجب أن يتضمن:
مستند رسمي
أو صورة ميدانية
أو محضر معاينة
أو قرار إداري واضح
> لا رد بدون دليل

ثانيًا: تصنيف الشكاوى حسب الخطورة
شكاوى عاجلة (تعليم – صحة – مرافق – كرامة إنسان)
شكاوى متوسطة
شكاوى إجرائية
وكل نوع له مدة زمنية محددة لا يجوز تجاوزها.

ثالثًا: محاسبة الردود الوهمية
إنشاء وحدة رقابة داخل منظومة الشكاوى
مراجعة الردود غير المقنعة
إعادة فتح الشكوى تلقائيًا إذا ثبت عدم حلها

رابعًا: النزول الميداني الإجباري
أي شكوى خدمية:
يجب أن يُثبت النزول الميداني
باسم الموظف
وتوقيعه
وتاريخ المعاينة

خامسًا: إشراك المجتمع المدني
إتاحة متابعة بعض الشكاوى للكيانات الأهلية المعتمدة
كشريك رقابي لا كبديل للدولة
خاصة في القرى والمناطق الأكثر احتياجًا

سادسًا: ربط تقييم المسؤول بعدد الشكاوى
المسؤول الذي تتكرر الشكاوى ضده
أو ترد شكاوى دون حلول حقيقية → يُراجع أداؤه إداريًا

الخلاصة
مركز الشكاوى الحكومية فكرة عظيمة،
وأداة محترمة أرادتها الدولة جسرًا للعدل والخدمة.

لكن الفكرة العظيمة إن لم تُفعّل:
تصبح عبئًا
وتفقد معناها
وتُساء فهم نوايا الدولة

وهذا ما نطرحه اليوم ليس نقدًا للدولة،
بل حماية لرؤية القيادة السياسية
ودعمًا حقيقيًا لحق المواطن

ختام
نضع هذه الرؤية أمام لجنتكم الموقرة،
ونطالب بأن تُعرض على الشاشات،
وتتحول إلى مبادرة إصلاح وتطوير
تحفظ كرامة المواطن،
وتعزز ثقة الشارع المصري في مؤسسات دولته.

أحمد الشبيتي
محافظة سوهاج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *