قراءة في رواية (الخاقان ) للروائي الكبير عوني عبد الصادق ، والفائزة بجائزة مسابقة الشيخ منصور عبيد الثقافية في دورتها الخامسة 2025
في البداية أتقدم بأخلص التهاني للروائي المبدع الأستاذ عوني عبد الصادق ، على فوزه بالجائزة ، وهو فوز مستحق بجدارة ، كما أشكر لجنة تحكيم الجائزة على اختيارها الصائب والموفق لهذه الرواية للفوز هذا العام
وقبل الحديث عن الرواية نستعرض معا النقاط التمهيدية التالية :
أولا : الروائي عوني عبد الصادق من أعلام الرواية في مصر والعالم العربي ، عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو نادي القصة
تخرج في كلية الإعلام ١٩٨٧ ، جامعة القاهرة ، وعمل بالأرصاد الجوية بمطار القاهرة
له أعمال روائية عديدة منها:
1 – رواية «ليلتان بعد الألف»
2 – – رواية«تغريبة الحضري»
3 – رواية «ثقب أبيض صغير»
4 – رواية «كأنه قد حدث» وهي الجزء الثاني من رواية «ثقب أبيض صغير».
5 – رواية «أوهام فاوست» الجزء الثالث من رواية «ثقب أبيض صغير».
6 – رواية «عائلة برهان الدين» والتي تدور حول د. عارف برهان الدين المفكر العالم الفيلسوف صاحب الرؤية الخاصة في مسائل الفقه والدين والحياة وربطها بالعقل والنقل والصراع الفكري الذي يدور حول أفكاره ومعتقداته.
7 – رواية ( سدرة المنتهى ) وتدور حول السيرة العطرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
8 – رواية الجولة الأخيرة في مربع الظلمة .
9 – رواية (كلوب هاوس )
تحت النشر رواية. ( أصداء اليوم الخامس )
تحت النشر رواية . ( على هامش إنسان )
تحت النشر رواية . ( تيموجين \” جنكز خان \” )
قام بالإخراج المسرحي ، في المسرح الجامعي ، والثقافة الجماهيرية .. وكتابة السيناريو والحوار لعدد من المسلسلات .. أنتجت منها شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات مسلسلين ( جواد ) و ( الدمية ) ..
فاز بجائزة كتارا العربية عام 2024 عن قصته (كلوب هاوس )
ثانيا : معنى اسم الرواية (الخاقانُ ) ، وهو لقبٌ كان يطلِق على كبار الحُكّام من المغول والتتار والتُّرْك ، وهو بمعنى الرئيس الأعظم أو الزعيم الأعلى للقوم عندهم
ثالثا : تصنف الرواية كرواية تاريخية وهو فن صعب من فنون السرد ، لا يتصدى له الا مؤلف مثقف واع ، متشبع بأحداث ووقائع التاريخ ، لأنه نمط روائي يجمع بين الفن والتاريخ، فتغدو الأحداث والشخصيات التاريخية أساس البناء الفني الروائي، الذي لا يهدف إلى تقديم معرفة تاريخية محضة، بل يطمح إلى نقل السياق التاريخي من وجهة نظرية تخييلية جمالية، كما أنَّ هذه الرواية المحملة بالتاريخ لا تنفصل عن الواقع، فهي تضيء الحاضر ، وتسقط عليه من خلال أحداث بعيدةٍ زمنيًا عن سياقنا المعاصر.
رابعا : من وجهة نظري أن النص الذي بين أيدينا هو رواية قصيرة والتى تعرف باسم ( النوفيلا) ، وذلك من حيث الحجم وكذلك من حيث التميز بفكرة ثرية – وحدة انطباع كلي – وصف موجز – حرية الزمن – لغة مكثفة – نهاية مفاجئة ، ومن هنا فان الرواية القصيرة تعتبر سماء تحتوي مقاصد القاص والروائي معاً.
قراءة أولية للرواية
في رواية ( الخاقان ) طار الكاتب عونى عبد الصادق الى عنان السماء ليقف على سطح الكوكب كالنسر المصري الجارح ، ليرصد ضمن رؤية الطائر الواسعة والبانورامية الى حاضر أمته النازف بالأسى والقهر ، ويلتقط بنظره الحاد حقبة تاريخية من الماضي تشبه هذا الحاضر البائس المهدد بالتلاشي والانسحاق تحت مزاعم الصهيونية الدينية المتطرفة
وقعت عين النسر على حقبة الغزو المغولي التتري الذي جاء من بلاد آسيا الوسطى ليهلك الأمة ، ويدمر الأخضر واليابس لدى المسلمين فى بلاد الرافدين والشام ، وليحرق الكتب والمعارف ، وليملأ الأنهار بالدم والجثث والأشلاء ، وليهدم المعمار والمدن ؛ كل ذلك تحت زعامة مجرم الانسانية ، الخاقان (هولاكو )
يتقن الكاتب ازدواجية الدلالة، فلا يصرح بما يضمر ، بل يلمح له ويشير اليه ، ويترك الكثير لعقلية المتلقى التأويلية .
فهو يومئ الى أن هولاكو الحاضر هو نتنياهو المجرم النازى ربيب الصهوينية الدينية الارهابية
برع الكاتب بمهارة عالية في أن يقارن بين الظروف السياسية والاجتماعية التى أدت لسقوط الأمة تحت اقدام المغول ، وبين الظروف الحالية التى تكاد تتطابق مع تلك الظروف البعيدة ، خاصة فيما يتعلق بصراع الطوائف والممالك والأمراء بين بعضهم البعض ، والتى بلغت ذروة ضلالها في التحالف مع العدو ضد الأخ والشقيق
يمجد الكاتب في عمله الروائي دور مصر التاريخى والخالد في التصدى لهذه الهمجية المغولية ، وكيف نكلت بجيوشهم في معركة عين جالوت ، وانقذت مصر بذلك حضارة الشرق والغرب معا من السقوط والتهاوى تحت سنابك الشر التتارية
ويستشرف الكاتب أنه سيوكل الى مصر هذا الدور من جديد ، لتنقذ الأمة من من هذا الشر الذي اقترب
لم يقتصر الكاتب على سرد تلك الرواية التاريخية واسقاطها على الحاضر ، بل نجح في سرد رواية عاطفية مقابلة للرواية الأولى ، وتقع احداثها أيضا في نفس الفترة التاريخية التى اختارها الكاتب ، وراح يتنقل بينهما برشاقة سردية محكمة ، وكأنه بطل سيرك محترف يتبادل المشي على حبلين متوازيين
أنهى الكاتب روايته التاريخية بانتصار المسلمين على يد قظز وبيبرس ، كما ختم روايته العطفية الموازية بزواج الحبيبين
أكرر التهانى لكاتبنا الروائي الكبير الأستاذ عونى عبد الصادق على هذا العمل الأدبي الراقي ، وعلى فوزه المستحق بالجائزة.