الرئيسيةأخبارالنزيف الصامت في الشارع المصري… موقع صاحبة الجلالة
أخبارثقافة و فنونمقالمنتديات

النزيف الصامت في الشارع المصري… موقع صاحبة الجلالة

النزيف الصامت في الشارع المصري

بقلم / عبدالله هيثم

في الشارع المصري، لم تعد الجريمة ترتبط بسلاح ناري أو عصابة مسلحة، بل أصبح السلاح الأبيض هو الخطر الصامت الذي يتسلل في الزحام، ويظهر فجأة في لحظة غضب أو استعراض قوة، ليصنع جريمة كاملة خلال ثوانٍ.

تنتشر المطاوي والسكاكين بين أيدي بعض الشباب والمراهقين، لا بغرض الدفاع عن النفس، بل كوسيلة لفرض السيطرة، أو إثبات الرجولة الزائفة. بعضهم يحملها داخل المدرسة، أو أثناء التنقل في المواصلات، أو خلال مشاجرة عابرة قد تنتهي بطعنة تفقد إنسانًا حياته وتُفجع أسرة بالكامل.

الواقع يؤكد أن هذه الظاهرة لم تعد محصورة في أماكن بعينها، بل امتدت إلى مختلف الطبقات والأحياء، حتى أصبح حمل السلاح الأبيض سلوكًا يوميًا لدى فئة ليست بالقليلة. والمقلق أكثر أن كثيرًا من الأهالي يتعاملون مع الأمر كنوع من الحماية لأبنائهم، متغافلين عن أن تلك “الحماية” قد تتحول إلى أداة جريمة في أي لحظة.

وزارة الداخلية تبذل مجهودًا ملحوظًا في هذا الملف، وتنفذ حملات مستمرة لضبط حائزي الأسلحة البيضاء، مع تسجيل آلاف الضبطيات شهريًا، لكن حجم الظاهرة يفوق قدرة المواجهة الأمنية وحدها، ويكشف عن حاجة ماسة لتحرك أوسع من باقي مؤسسات الدولة والمجتمع.

المشكلة ليست في السلاح وحده، بل في المناخ الذي يسمح بحمله، والتفكير الذي يبرر استخدامه، والتعامل المجتمعي المتراخي مع آثاره. القانون يجرم الحيازة دون مبرر، لكن التطبيق لا يزال يحتاج إلى سرعة، وحسم، وعدالة ناجزة تعيد الهيبة إلى الشارع وتعيد للمواطن شعوره بالأمان.

إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تجاوز فردي، بل ناقوس خطر. فحين يتحول العنف إلى ثقافة، وتصبح الطعنة رد فعل معتاد، نكون أمام واقع مريض يحتاج إلى علاج فوري. والإصلاح هنا لا يبدأ من الشارع وحده، بل من البيت، والمدرسة، والإعلام، والخطاب الديني، والتشريعي أيضًا.

السكين في الجيب ليست شأنًا خاصًا، بل تهديد حقيقي لأمن وطن بأكمله. وإذا لم يتحرك الجميع، ستتحول الطعنة القادمة من مجرد مشهد عابر… إلى مأساة وطنية دائمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *