يمكننا القول إن الضربات الأمريكية فى إيران وتأييدها المطلق لإسرائيل يمثلان جزء من السيناريو المعقد الذى يواجه العالم العربى اليوم.
إن موقف الولايات المتحدة يشير بشكل واضح إلى دعمها الكامل للكيان الإسرائيلى في عدوانه الإقليمى المتكرر، مما يعزز الشكوك حول مصلحة العرب في هذا السياق.
فعندما نتناول إيران وإسرائيل، نجد أن كلا الطرفين يلعب دور فى إضعاف العمق العربى، على الرغم من أن أساليبهما تختلف جذرياً.
تعتبر إسرائيل كيان إستعمارى توسعى، لا يعترف بالحقوق العربية، سواءً فى فلسطين أو فى أى مكان آخر، فهى تعتمد على سياسة التوسع والتمزيق، مما يبقي العرب فى حالة ضعف وتبعية تامة.
على الجانب الآخر تظهر إيران كدولة إقليمية ذات طموحات قومية ومذهبية تسعى لملء الفراغ الناتج عن تفكك الدول العربية، عبر تعزيز وجود ميليشيات غير خاضعة لسلطة الدولة، والتى تخلق واقع سياسى تابع لطهران.
النتيجة هى أن كلاً من إيران وإسرائيل يمارسان تأثيرهما السلبى على العالم العربى، ولكن بأساليب متباينة، حيث تضرب إسرائيل من الخارج من خلال الإحتلال وفرض التطبيع، بينما تخترق إيران من الداخل عبر توظيف الإنقسامات الطائفية.
وبالتالى فإن الخيار بين إيران وإسرائيل لا يعدو كونه إختيار بين سم بطيء المفعول وسم سريع، حيث لا يمكن إعتبار أي من الطرفين خيار جيد للتحالف العربى.
وسط هذا الواقع المأساوى يبرز التساؤل .. ماذا يمكن أن يفعل العرب فى ظل هذه الهيمنة؟
إن الحل الوحيد القابل للتحقيق يتمثل فى إستعادة القوة العربية الذاتية، وبناء مشروع عربى مستقل لا يستند إلى الإنقسام المذهبى أو الرهانات الإقليمية. يجب العمل على إنشاء محور عربى موحد، يركز على دعم الدولة الوطنية، ويعزز من أهمية الإصلاحات السياسية والإقتصادية التى تمنع الإختراقات من الداخل.
بالرغم من الصعوبات الحالية، يمكن للمشروع العربي الشامل أن يكون واقعياً، شريطة أن يبدأ من تحالفات جزئية فعالة بدلاً من محاولة إستعادة كل شيء دفعة واحدة.
كما تفتح اللحظة الراهنة الناتجة عن الحرب الإيرانيه -الإسرائيلية فرصة ذهبية للعرب لمواجهة التحديات، إذا ما تم إستخدامها بحكمة.
إن رفضنا لتكون الدول العربية ساحات لحروب الوكالة سواء من إيران أو إسرائيل وامريكا هو أمر ضرورى لضمان عدم الإنزلاق إلى مزيد من الإنقسامات.
كما أن بناء محور عربى يعتمد على المصالح المشتركة وليس فقط العواطف يمكن أن يشكل ركيزة أمام الإنهيار الذاتى، مما يعزز من وحدة العرب وإستمرارهم فى مواجهة التحديات الكبرى.