الحرب الجارية في السودان اليوم، أهم أسبابها السيطرة علي القرن الافريقي، و اهمية موقعة الجيوسياسي بالنسبة لأمريكا و إسرائيل، و دول الخليج للحفاظ علي أمنها من ناحية جنوب البحر الأحمر (اليمن) فقد أنفقت السعودية و دول الخليج مجتمعة مئات الملايين من الدولارات من أجل تعزيز وجودها و سيطرتها علي القرن الافريقي.
فاستخدمت أمريكا دول الخليج لبسط نفوذها في هذه المنطقة الحساسة من العالم، و لا تستطيع دول الخليج الخروج من السياسة الموضوعة من قِبل الولايات المتحدة الامريكية من أجل وجودها و الحفاظ علي كراسي حكمهم.
لذا هيأت الولايات المتحدة الأمريكية مسرح الحرب في السودان من خلال دول الخليج بما فيهم السعودية لنشر الفوضى و إنتاج مناخ في السودان تتصادم فيه المصالح لإرهاق الخصوم، للوصول للهدف المخطط له و هو السيطرة علي القرن الأفريقي بالتهديد و الترغيب و الحرب و شراء الذمم.
كل دول الخليج لديها أطماع ورغبة في وجود استثمارات في دول القرن الأفريقي بما يكفي للسيطرة من خلال ضخ أموال ضخمة للهيمنة الاقتصادية.
السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، سلطنة عمان، قطر، كل تلك الدول مدفوعة و مرغمة علي لعب دور لصالح اللاعبين الكبار (أمريكا و إسرائيل اسرائيل و الغرب)
الظاهر للعيان أن هناك اختلاف رؤي بما يجري في السودان بين الدول الخليجية و لكنها في النهاية تأتمر بما تطرحة الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل من أجندة و رؤي.
يجب عدم اغفال الدور الصيني المهدد الرئيسي لأمريكا في عموم افريقيا و القرن الافريقي خاصة، لجأت امريكا الي تعكير الاجواء بالحروب و النزاعات و خلق حالة من عدم الاستقرار لمنع الصين لمزيد من التغلغل في أفريقيا و خاصة القرن الافريقي.
علي أهل السودان أن يعوا أن بث خطاب الكراهية و النزاع العرقي بين أهل السودان مخطط له و مدروس بعناية لخلق حالة من الضعف المجتمعي ليسهل تقطيعه إلي شرائح صغيرة متفرقة.
يجب أن يستوعب اهل السودان أن الحرب ستستمر إلي أن يصل (المُحرَشين) لمبتغاهم،
سيتقدم الجيش و يحقق انتصارات هنا و هناك، في نفس الوقت سيتم تقوية القوة المتمردة لتحقيق بعض الانتصارات علي القوات المسلحة، و هكذا إلي أن تُرهق كل الأطراف و يستسلموا للمؤامرة الموضوعة بعناية و دراسة و يحكم من ترضي عليه أمريكا و إسرائيل و الغرب. و صدق هوشي مِنه زعيم الثورة الفيتنامية حين قال:
لا يوجد بيت مدمر، أو حجر مبعثر، أو يد مبتورة، أو ثكلي، أو أُمة مشوهة، إلا و ستجد الولايات المتحدة الامريكية أثرا فيه.
الابتزاز السياسي الذي يجري في الساحة السياسية السودانية بالضرورة هو مخطط مرسوم بخبث و تخطيط لضرب النسيج الاجتماعي للهيمنة السياسية و الاقتصادية علي مقدرات السودان الهائلة و تأثيره علي مجمل منطقة القرن الافريقي.
علي أهل السودان أن يعوا حجم المؤامرة و يرفعوا رؤوسهم من جحور كآبتهم، و إخماد جمر الصراع، و طي دفاتر المحن، ليجلسوا و تتحد كلمتهم للحفاظ علي وطن عظيم بأرضه و ناسه، و ثروات تفوق تفكير عقل السياسيين و إمكاناتهم في التعاطي مع الأحداث بوعي.
و تبقي القوات المسلحة هي الضامن لوحدة البلاد القومية و ما يفصلة الدستور و القانون في حفظ الأمن الحفاظ علي كيان الدولة لتهيئة المناخ السياسي لإنتخابات سودانية حرة و نزيهة ترنو للبرامج و التطور و النماء و تشكيل عقول ابداعية للتنمية و التقدم و الإزدهار، و ليس صراعات الدنيا من كسب سياسي رخيص. و أن الشعارات السياسية التي لا تراعي اهتمامات المواطن في العيش الكريم أضحت بضاعة بائرة في ظل أجيال مابعد المعلومات.
المرجعية:
كتاب:
الحسابات الخليجية في القرن الإفريقي
د. أمينة العريمي
دار المصورات
طبعة ٢٠٢٠.
بكري يوسف البُر
مايو ٢٠٢٥